0
الرشوة نوع من الفساد، يُطلق على دفع شخص أو مؤسسة مالاً أو خدمة من أجل الاستفادة من حق ليس له، أو أن يعفي نفسه من واجب عليه. وحكمها في هذه الحالة ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراشي والمرتشي في النار أما إذا كان هناك ظرف خاص يجعل الإنسان غير قادر على استيفاء حق له إلا بأداء الرشوة لظالم أو لحكام؛ فإن ما يدفعه في هذه الحال من أجل الوصول إلى حقه لا يعتبر رشوة كما يرى أكثر العلماء و إنما هو ابتزاز عند الحاجة.


موقف التشريعات المختلفة من الرشوةتنقسم التشريعات الحديثة في نظرتها إلى الرشوة إلى اتجاهين
• الاتجاه الأول يرى هدا الاتجاه أن الرشوة تتكون من جريمتين مستقلتين أحدهما يرتكبها الراشي و الأخرى يرتكبها المرتشي ، وهدا يعني أن كل جريمة يصح فيها العقاب مستقلة ومنفصلة عن الأخرى ، فكل منهما تعتبر جريمة تامة بكل عناصرها و أوصافها وعقوبتها ، وعليه فان فعل الراشي لا يعد اشتراكا في جريمة المرتشي بل هو فعل مستقل يعاقب عليه القانون منفردا.
ويصطلح على تسمية جريمة الراشي " جريمة الرشوة الايجابية " وجريمة المرتشي "الرشوة السلبية" .
• الاتجاه الثاني يرى هدا الاتجاه أن جريمة الرشوة هي جريمة واحدة ، جريمة موظف يتاجر بوظيفته ، فالفاعل الأصلي هو الموظف أو القاضي المرتشي أما الراشي فهو شريك له يستعير منه اجرامه .

[post_ad]
اركان جريمة الرشوة
تفترض جريمة الرشوة السلبية لقيامها توافر ثلاث أركان:1. صفة المرتشي يشترط القانون الجزائري في المادتين 126 و 127 من قانون العقوبات صفات خاصة في المرتشي حتى تقوم جريمة الرشوة وهي أن يكون موظفا عموميا أو من يكون في حكمه كالخبير ،الطبيب ... عاملا أو مستخدما في مؤسسة خاصة. يجب ثبوت صفة الموظف وقت ارتكاب الرشوة وألا يكون تعيينه باطلا وأن يكون العمل المطلوب من الموظف أداءه داخلا في اختصاصه أو يكفي أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص .وبالنسبة للمكلف بخدمة عمومية كالخبير مثلا أن يكون قد كلف بالعمل مما يملك التكليف بصفة رسمية ،فلا تسري الرشوة على من يتطوع لعمل من الأعمال العامة.
2. الركن المادي تضمنت نصوص المواد 126 و 127 جميع صور الاتجار أو العبث أو الاخلال بالوظيفة أو باعمالها أو الشروع في دلك وعليه فان الركن المادي ينحصر في الأفعال التالية:
القبول سواء وقع على مال أو على هدية أو وعد بإعطاء شيء في وقت لاحق ، و يتحقق القبول بالكلام أو بالاشارة أو بالكتابة أو أي شيء يدل عليه الطلب تتم الجريمة بمجرد الطلب ولو لم تتحقق النتيجة .
التلقي و الاخذ وهي الصورة العادية لجريمة الرشوة وتتم الجريمة في هده الحالة بمجرد تسلم المرتشي الشيء محل الرشوة سواء كان الشيء ذا قيمة أو بسيطا .
3. الركن المعنوي جريمة الرشوة السلبية هي جريمة عمدية يتوافر ركنها المعنوي في صورة القصد الجزائي العام أي بتوافر العلم و الارادة فالمرتشي يجب ان يعلم بأركان الجريمة أي بأنه موظف عام وبأن العمل المطلوب منه تنفيده يدخل في اختصاصه ، و أن مايقدم له هو مقابل للعمل المطلوب منه آداؤه ( أي أن يكون عالما بأنه يتاجر بوظيفته)وأن تتجه ارادة الجاني إلى الفعل المجرم و النتيجة الغير مشروعة أو قبولها كما يجب أن يعاصر القصد الجزائي العام الركن المادي لجريمة الرشوة.

أسباب انتشار الرشوة:
1. انعدام الضمائر
2. عدم الايمان
3. فساد الانظمة
4. الأسباب السياسية :
لا شك أن الرشوة هي داء منتشر في أغلب الأنظمة السياسية ، فهي لا تقتصر على الدول النامية والمتخلفة ، بل نراها سارية في المجتمعات المتقدمة وإن كان بنسب أقل.
فالرشوة تكون بنسبة أعلى في الأنظمة السياسية التي لا يوجد عندها مساحة كبيرة من الديمقراطية والشفافية والمسائلة. ولا تتاح فيها حرية التعبير والرأي والرقابة ، بحيث لا تخضع تصرفات السلطة السياسية للتنقيب والمساءلة والنقد ، في ظل عدم وجود أجهزة إعلام حرة قادرة على كشف الحقائق وإظهار مواطن الفساد.
كما يساعد على انتشار الرشوة ضعف السلطة القضائية بحيث تبدو فاقدة لاستقلالها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، الأمر الذي يؤدي إلى أن القانون لا يطبق على الجميع وأن هناك أشخاص فوق القانون تبعاً لمنصبهم السياسي والإداري .
5. الأسباب الإدارية :
تلعب الإدارة دوراً كبيرا في مكافحة الرشوة ، لا بل تعد مسؤولة مسؤولية تامة عن مكافحتها ، ولعل أهم الأسباب الإدارية التي تؤدي إلى تفشي الرشوة ، مـا يلي :
- تخلف الإجراءات الإدارية والروتين والبيروقراطية .
- غموض الأنظمة وتناقض التشريعات وكثرة التفسيرات .
- ضعف دور الرقابة وعدم فعاليتها وافتقارها إلى الكوادر المؤهلة والمدربة
- عدم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، والوصول إلى المناصب عن طريق أساليب غير مشروعة ، فالذي يدفع الرشوة من أجل الوصول إلى موقع معين ، عندما يصل إلى هذا الموقع سوف يبدأ بالتفكير في استرجاع ما دفعه . وبعد ذلك تدفعه متعة المال والجشع إلى طلب المزيد ، الأمر الذي يصبح جزء من حياته في العمل والتفكير .
وهذه الفلسفة هي التي تعزز و تعشعش الرشوة وتؤدي إلى الفساد في المجتمع .
فقد أظهرت دراسة قام بها باحثون وخبراء نشرتها مؤخراً مصادر رسمية أظهرت بأن (80%) من أسباب انتشار الرشوة هي تمتع البعض بمناصب ومراكز تجعلهم بعيدين عن المحاسبة
6. الأسباب الاقتصادية :
لعل العامل الاقتصادي من أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار الرشوة ، وهذا الأمر يعود إلى :
- انخفاض مستوى المعيشة وتدني الأجور مقابل الارتفاع المستمر في الأسعار :
فالموظف الذي يرتشي يكون عادة ضحية للحاجة الماسة للنقود ، فهو مدفوع في أغلب الأحيان إلى ارتكاب الجريمة رغبة منه في قضاء حاجته التي لا يقدر على أدائها بسبب تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار ، نظراً لضعف القوة الشرائية لمرتب الموظف الذي لم يعد يكفي لسد هذه الحاجات .
- سوء توزيع الدخل القومي :
الأمر الذي يجعل الأموال تتمركز لدى حفنة من الأشخاص، وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة حد الانقسام الطبقي ، حيث تصبح الطبقة الغنية أكثر غنى والطبقة الفقيرة أكثر فقراً
لذلك سوف يتولد لدى الموظف شعور الحقد والحسد والبغض ، ويعبر عن هذا الشعور من خلال أخذ الرشاوي من أصحاب رؤوس الأموال .

[post_ad]
7. الأسباب الاجتماعية :
الرشوة تعتبر سلوك اجتماعي غير سوي قد يلجأ إليه الفرد أو الجماعة كوسيلة لتحقيق غايات لا يستطيع الوصول إليها بالوسائل المشروعة أو بالطرق التنافسية المتعارف عليها .
فمن أهم الأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى انتشار الرشوة :
- ضعف الوعي الاجتماعي :
فكثيراً ما نجد أن الانتماءات العشائرية والقبلية والولاءات الطبقية وعلاقات القربى والدم سبب رئيسي في هذه الانحرافات الإدارية ، بحيث يتم تغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة .
- تدني المستوى التعليمي والثقافي للأفراد :
حيث أن شريحة كبيرة من أفراد المجتمع تفتقر إلى الثقافة العامة ، ناهيك عن الثقافة القانونية ، فجهل المواطن بالإجراءات الإدارية ، وجهله بالقانون يجعل منه فريسة سهلة المنال بالنسبة للموظف الذي يحاول دوماً تعقيد الإجراءات للحصول على الرشوة .
فالمواطن البسيط يجد نفسه مضطراً لدفع الرشوة في سبيل الانتهاء من معاملته بالسرعة المطلوبة
- ضعف إحساس الجمهور بمدى منافاة الرشوة لنظم المجتمع :
فبعد أن كان المرتشي يعد في نظر المجتمع مرتكباً للخطيئة أصبح الأفراد يشعرون بأن دفع مقابل لإنجاز بعض أعمالهم لا يعتبر رشوة ، بل يجتهدون لإسباغها بنوع من المشروعية ، فالبعض يسميها إكرامية أو حلوان أو ثمن فنجان قهوة أو أتعاب … الخ . 4 – ضعف الوازع الديني والأخلاقي :
حيث يعتبر الوازع الديني هو الرادع الأقوى والأجدى من جميع العقوبات الوضعية ، فهو يمثل رقابة ذاتية على سلوك الفرد ويوجهه نحو الخلق الحسن والسلوك القويم .

نتائج الرشوة على المجتمع:
- الرشوة تدمر الموارد المالية للمجتمع:
قد يقدم شخص ما رشوة ليحصل على ترخيص من الدولة لعمل مشروع ما، وهذا المشروع لا يكون فيه نفع حقيقي للمجتمع وإنما يُدِرّ الربح الوفير لصاحبه، فيستفيد من موارد الدولة المالية التي توفر له المرافق والخدمات الأساسية كرصف الطرق والكهرباء والمياه والهاتف وغيرها.
- الرشوة تدمر حياة أفراد المجتمع:
إن من آثار الرشوة الخطيرة تدمير صحة الكثير من أفراد المجتمع وحياتهم كما لو حدثت الرشوة في إنتاج الدواء أو الغذاء أو المباني المخالفة التي يترتب عليها انهيار المباني وإزهاق أرواح الناس، وهذا واقع ومشاهد أمام أعين الجميع.
- الرشوة تدمر أخلاق الأفراد:
إن تفشي ظاهرة الرشوة في أي مجتمع من المجتمعات مُؤْذِنٌ بتدمير أخلاقيات هذا المجتمع وقيمه وتُفقِد الثقة بين أفراده، وتؤدي الرشوة إلى عدم المبالاة والتسيب وعدم الولاء والانتماء والإحباط في العمل وكل هذا يعتبر عقبة أمام عملية التنمية وما تتطلبه من جهد بشري أمين، فيه تعاون من الجميع. وإذا كانت الرشوة لها راش ومرتش ورائش، فإن معنى هذا أن ثلاثة من المجتمع قد نُزعت الثقة منهم واعتبرهم المجتمع من المفسدين فيه.

علاج ظاهرة الرشوة
- استحضار خشية الله و تذكر جزاء من يعطيها.
- الالتزام بتعاليم الإسلام
- القناعة بالرزق و تجنب الطمع
- البحث عن أعمال مشروعة خلال لزيارة الدخل

إرسال تعليق Blogger