0
قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينقل لأصحابه وقائع المعركة :
(حمل الراية زيد ثم قتل، ثم حمل الراية جعفر ثم قتل، ثم حمل الراية عبد الله بن رواحة ثم قتل، ثم صمت النبي صلى الله عليه وسلم ثم ظهرت على وجهه إشراقة فقال: ولقد رُفعوا إلي في الجنة، ثم صمت قليلاً، ثم قال: أما الآن فقد حمل الراية سيف من سيوف الله ولقد حمي الوطيس)

وبعد أن سقط ثالث القادة عبد الله بن رواحة شهيداً نحسبهم كذلك والله حسيبهم أخذ الراية ثابت بن أقرم رضي الله عنه وأرضاه ونادى بـخالداً وقال: يا خالد ! احمل الراية، لكن خالد يعرف قدر الرجال وينزل الناس منازلهم
فقال: أنت أقدم مني هجرة، وأكبر مني سناً، وأنا لا أتقدم عليك، فقال ثابت : أما والله! إني ما حملتها إلا لك فأنت أدرى بفنون القتال. فما عرفت الأرض فارساً كر وفر مثل خالد ، ولم يعرف التاريخ منذ أول سطوره إلى آخره فارساً مغواراً كاراً فاراً كـخالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه.
خالد يلي إمارة الجيش
ثم نادى ثابت في المسلمين
قائلاً: أترضون بـخالد بن الوليد أميراً عليكم؟ قالوا: رضينا، فحمل الراية رضي الله عنه وأرضاه وامتطى صهوة الجواد، ثم ذهب إلى أعلى مكان في أرض المعركة يتفقد أرض المعركة وينظرها يمنة ويسرة بعين ثاقبة، وبعقل وعبقرية عسكرية لم تعرف الحياة مثلها، ففكر خالد أن هذا الجيش القليل قد أبلى بلاء حسناً لكنه لا يستطيع أن يقاوم أكثر، ثم فكر وغير الميمنة والميسرة، وقلب مواضع القتال يمنة ويسرة، وغير وجوه الرجال في وجوه أولئك القوم، فظنوا أن مدداً قد جاءهم من المدينة، فرفع معنويات الرجال، وألقى الخوف والرعب في الفريق الآخر، ثم صمدوا وقاوموا وقاتلوا واستبسلوا، ثم بدهاء عسكري استطاع خالد أن يفتح فجوة في صفوف الكفار فأخذت فلول المسلمين مجموعة تلو مجموعة تخرج من أرض المعركة بأقل الخسائر، وكان خالد يظن أن الخروج من أرض المعركة بأقل الخسائر هو انتصار بحد ذاته، وهو كذلك بعد أن أبلى أولئك القوم بلاءً حسناً.ومن شدة المعركة
قال خالد : تكسر في يدي في تلك المعركة تسعة سيوف، ولم تصمد في يدي إلا صفيحة يمانية.وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين
قال: ( ولقد حمل الراية سيف من سيوف الله، ولقد حمى الوطيس )
ثم خرج خالد ومن معه من أرض المعركة بخطة عبقرية فذة تدرب إلى الآن في ميادين القتال، ولم يستطع الروم أن يتتبعوا ذلك الجيش الصغير.وانتظرت المدينة قدوم ذلك الجيش، فالصغار والكبار ينتظرون رجوع ذلك الجيش، لكن بأي وجه استقبل الأطفال ذلك الجيش؟ لقد استقبلوا خالداً ومن معه في أزقة المدينة بالحجارة وهم يقولون لهم: تفرون من الموت في سبيل الله؟ فيرمونهم بالحجارة ويقولون لهم: يا فرار يا فرار! فالصغار يعيرون الكبار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله)

إرسال تعليق Blogger