0

في مايو/أيار 2017، توفي في صمتٍ، المقدم السابق في القوات السوفييتية ستانيسلاف بيتروف، بطل الحرب الباردة، والرجل الذي أنقذ العالم من اندلاع حرب نووية، عن عمر 77 عاماً.
فكيف يموت الرجل الذي أنقذ العالم من قيام حرب نووية، قبل 4 أشهر ولا يعلم أحد عن وفاته شيئاً؟! وما قصة إنقاذه البشرية من قيام حرب نووية؟
في الواقع وبحسب صحيفة Telegraph البريطانية، فإن انتشار خبر وفاة البطل الروسي جاء بالصدفة، حين اتصل المخرج الوثائقي الألماني كارل شوماخر بنجل بيتروف؛ لتهنئة والده بعيد ميلاده، فأخبره بأن والده توفي منذ مايو/أيار الماضي، فقام شوماخر بإخبار وسائل الإعلام بما حدث.
[post_ad]حكاية الحرب النووية
بحسب ما نشرته صحيفة Frankfurter Allgemeine الألمانية، فإنه وفي مساء 26 سبتمبر/أيلول عام 1983، كان المقدم بيتروف يبلغ من العمر 44 سنة، وقد كان يعمل مهندساً في القاعدة السرية للإنذار المبكر عن الصواريخ "سربوخوف-15"، التي تقع على بُعد 100 كيلومتر جنوب موسكو. في ذلك الوقت، كان بيتروف يعمل في سرية تامة، حتى إن زوجته وولديه لم يكن لديهم علم عن مكان عمله.
في تلك الفترة من الحرب الباردة، كانت تسود أجواء من التوتر؛ اذ أسقط الاتحاد السوفييتي طائرة ركاب تابعة لكوريا الجنوبية، بعد أن اخترقت المجال الجوي للاتحاد. ولقي جميع ركاب الطائرة، البالغ عددهم 269، مصرعهم.
من جانبه، وصف الرئيس الأميركي، آنذاك، رونالد ريغان، الاتحاد السوفييتي وقتها بأنه يمثل "إمبراطورية الشر". إثر ذلك، كان السوفييت يخشون أن يوجّه لهم الأميركان ضربة نووية استباقية.
[post_ad]
17 دقيقة فقط لإنقاذ العالم!
بعد منتصف الليل بقليل، أطلق نظام "أوكو"، المدعم بالأقمار الاصطناعية إنذاراً يحيل إلى أن الولايات المتحدة بصدد إطلاق صاروخ عابر للقارات من قاعدتها العسكرية في مونتانا باتجاه الاتحاد السوفييتي. عقب ذلك، دوَّت صفارات الإنذار بالقاعدة السرية، في حين ظهر على الشاشات عبارة "تم الإطلاق".

وفي هذا الصدد، صرح بيتروف في وقت لاحق، بأن بعض زملائه قفزوا من أماكنهم، ولكنه أمرهم بالعودة كل إلى موقعه. وقد كان على بيتروف أن يقرر ما هي الخطوة التالية.
في واقع الأمر، كان لدى القيادة السوفييتية 28 دقيقة فقط من أجل اتخاذ قرار نهائي لشن هجوم مضاد يستهدف الولايات المتحدة من خلال إطلاق صاروخ مماثل. وقد ظل العاملون في القاعدة في انتظار الأوامر لمدة 15 دقيقة.
وبعد فترة، استرعى انتباه بيتروف أمر غريب: في حال كانت الولايات المتحدة ترغب بالفعل في شن هجوم على الاتحاد السوفييتي، فلن تكتفي بإطلاق صاروخ واحد فحسب، من قاعدة عسكرية واحدة، وإنما ستقوم بإطلاق عدة صواريخ في آن واحد من قواعد عسكرية متفرقة؛ وذلك من أجل تعزيز القوة التدميرية لضربتها.
وفي هذا السياق، قال بيتروف، لاحقاً: "بالطبع، لم أكن متأكداً من هذا الأمر". بادر بيتروف على الفور بإخبار رئيسه هاتفياً بأن ذلك الإنذار كان مجرد إنذار كاذب.
عقب ذلك، أعلن القمر الاصطناعي "كوزموس-1382"، إطلاق 4 صواريخ أخرى، في حين أصر بيتروف على موقفه بأنه إنذار كاذب.
وبعد مضي 17 دقيقة، كان واضحاً على شاشات أجهزة الرادار الأرضية أنه لا وجود لأي صواريخ تحلّق فوقهم. من جانبه، علق بيتروف على الموقف قائلاً: "كنت أشعر بأن الموت قادم".

تكريم متأخر
لقد تبيّن، في نهاية المطاف، أن أجهزة الاستشعار المثبتة في الأقمار الاصطناعية قد اعتبرت أشعة الشمس التي تعكسها السحب بالقرب من القاعدة العسكرية الأميركية على أنها إطلاق لصاروخ. ولاحقاً، تم تطوير النظام من أجل تفادي مثل تلك الأخطاء.
وقد عُرفت تفاصيل هذه العملية بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي، وقد قام قائد القوات الجوية الروسية بنشر وصف تفصيلي لما حدث تلك الليلة. أنهى بيتروف خدمته العسكرية عام 1984.

وعلى الرغم من أن بيتروف أنقذ حياة ملايين الأشخاص، فإنه لم يتلقَّ أي تكريم أو تشجيع من قِبل رؤسائه، الذين كانوا سيتحملون المسؤولية كاملة في حال قيام أي حرب. وعلى النقيض من ذلك، وُجِّه لبيتروف توبيخ حاد، على خلفية عدم إكمال إجراءات خدمته.
وبحسب صحيفة "بيلد" الألمانية في عددها الصادر عام 1998، قال بيتروف إنه: "في ذلك اليوم، وثقت بحدسي، ولم أثق بأجهزة الحاسوب. إثر ذلك، احتسيت نصف لتر من الكحول، وخلدت إلى النوم لما يقارب 28 ساعة متواصلة!". وقد وصفته الصحيفة، آنذاك، بـ"الضابط الشجاع من روسيا الذي يعيش ًفقيرا وحزيناً"، خاصة أن زوجة بيتروف قد توفيت جراء إصابتها بمرض السرطان.

إرسال تعليق Blogger